يعيش دوار البيرات نواحي مدينة سطات على وقع الغضب والاحتقان والخوف، بعد تعرض امرأتين للتعنيف والتنكيل من طرف من قالتا إنه "قائد مركز الدرك الملكي بسيدي حجاج مرفوقا بعناصر من القوات المساعدة"، وفق شكاية موضوعة لدى وكيل الملك لدى استئنافية سطات؛ وهو ما تسبب لإحداهن، وهي امرأة مسنة، في رضوض وجروح وتسبب لأخرى في كسر مركب على مستوى ساقها اليسرى.
وتعود تفاصيل هذا الاعتداء إلى يوم الأربعاء 26 أكتوبر المنصرم، حين أقدمت عناصر القوات المساعدة المُحاصِرة لدوار البيرات التابع لجماعة السْكَامنة بقيادة ثْلاث ولاد فارس بقيادة ابن احمد نواحي مدينة سطات على اقتحام بيوت آمنة على من فيها من النساء والأطفال وضربت عددا منهن، مسببة لهم أضرارا جسدية ونفسية، بحثا عن "مطلوبين في قضية نزاع على أرض فلاحية بين الفلاحين أبناء الدوار وتعاونية".
وأفاد السكان، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكتروينة، بأنهم "يعيشون على وقع الخوف والتوجس من اقتحام القوات العمومية للمنازل والبيوت في كل لحظة"، مؤكدين أن الأسر لجأت إلى ملء قَناني بـ "ليصانص" من أجل حرق أبدانهم في حال أقدمت العناصر على اقتحام البيوت وضرب النساء من جديد.
"لا جودان صَوَّطْني"
رقية لقساحي، التي تبلغ من العمر 75 سنة، تحكي لجريدة هسبريس الإلكتروينة قائلة: "دخل علينا لاجودان والمخازنية للدار، كَيسوْلوني على ولدي، مْنين كَلت ليه ما عْرَفتش، صَوَّطْني يا بنيتي، وضرَبني بالعصا ونْزل عْليَّا بصُبَّاطو على رجلي"، متابعة: "وَلاَّو العيالات هاربات والدراري يَتْزاواو". وناشدت المرأة المسنة المسؤولين قائلة: "الله يرحم ليكم الوالدين وَقفوا معانا".
وحين سؤالها عن حالتها الصحية، قالت: "ما زال كَنعرَج برجلي وما قادراش نَمشي بيها، وعيْنيا كيْتراقْصو وَليت كنشوف بيهم جوج جوج"، فيما التقط ابنها خيط الكلام مؤكدا أن "المرأة الأخرى المصابة بكسور على مستوى رجلها حالتها الصحية أسوء بكثير وما زالت في المستشفى دون عملية لتركيب دعائم حديدية".
نزاع قضائي
محمد بلال، ابن المشتكية رقية، أفاد بأن 28 شخصا من رجال وشباب الدوار قيد الاعتقال حاليا، فيما تعيش أسرهم في دوامة ولا يدرون ما يفعلون، فيما أصيب أشخاص آخرون دون والدته وامرأة أخرى برضوض وكسور وآخر بحروق على مستوى ساقه وذراعه، موضحا أن السلطات العمومية نشرت مئات من عناصرها على حدود الدوار، حيث يقف رجاله دون السماح باستغلال أرض في ملكية الفلاحين.
بلال شرَّح أسباب المشكل المتعلق بالأرض الفلاحية التي تعود ملكيتها إلى 2000 أسرة بثلاثة دواوير متفرقة، الأرض الفلاحية البالغ مساحتها 2651 هكتارا كان يستولي عليها مواطن فرنسي، قبل أن توزع عام 1973 ويتم تحفيظها خلال تسعينيات القرن المنصرم، "إلا أن تعاونية حلت بالمنطقة وبدأت في استغلال الأرض الفلاحية وبيع قطع منها وحرثها، بالرغم من أنها قضية نزاع بين الطرفين محل نظر في المحكمة التي لم تنطق بالحكم منذ 4 سنوات".
المتحدث لجريدة هسبريس الإلكتروينة أوضح أن رجال القرية وشبابها احتجوا على إقدام عدد من الجرارات على حرث الأرض قبل أيام، وتدخلوا لوقف العملية؛ وهو ما حذا بالطرف الآخر إلى ربط الاتصال بالقوات العمومية لمنع المعترضين على استغلال الأرض، وفق رواية الابن، مشيرا إلى أن خطوات تواجد عناصر الأمن بكثافة بالمنطقة تتكرر للسنة الثالثة، إلا أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها الأهالي للتعنيف.
الحُكرة مُركبة
من جهته، اعتبر عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن الأزمة مركبة ما بين قضاء تأخر في البت في قضية مدة أربع سنوات وبين فلاح فقير أريد له أن يبقى فقيرا، "ضايْع حقُّوا ومضيوم ومعنف"، مبرزا أن "الفلاحين كانوا ضحية مافيا العقار وعدم إلمامهم بالقانون وبما يجب عليهم فعله".
وبخصوص تعنيف أهالي القرية، ومن بينهم امرأتان، اعتبر الخضري، ضمن تصريح لهسبريس، أن "تعنيف امرأة مسنة في مثابة الجدة تصرف مجنون"، متسائلا إن كان مُقتحمو البيوت "يتوفرون على إذن من النيابة العامة"، متابعا "من عذب هذه المرأة داخل بيتها يضع نفسه فوق القانون، ولا يُعير للإنسان ولا للمرأة أي اعتبار".
ودعا الناشط الحقوقي إلى محاسبة كل من ثبت اقترافه للتعذيب في حق المواطنين، لافتا وزير العدل والحريات إلى أن "البطء في النطق بالأحكام القضائية وتنفيذها والتلكؤ في البت في القضايا خلل كبير يسمح لمافيات العقار باستغلال أمية وبساطة الفلاحين الفقراء"، على حد تعبيره.
0 التعليقات:
إرسال تعليق